الرعي في فلسطين بين مطرقة الاحتلال والاستيطان وسندان ارتفاع اسعار العلف
الرعي في فلسطين بين مطرقة الاحتلال والاستيطان وسندان ارتفاع اسعار العلف
بقلم مروان سلطان. فلسطينتعتبر الثروة الحيوانية من اهم مصادر الامن الغذائي للبشرية ، حيث توفر مصدر مهم للحوم الحمراء التي يعتمد عليها للتغذية. في كل الازمنة والعصور ، وفي كل المدن والقرى حيث يعمل المزارعون على تربية مواشيهم من الاغنام والابقار، لذا فان مهنة الرعي مهنة ازلية منذ قدم التاريخ ، وتعتبر مهنة الرعي مهمة لانه يقلل من تكاليف تربية المواشي لتكون في اطار الامكانات التي يحصل فيها على مصادر التغذية ضمن الامكانات المادية الشعبية.
كما هو الحال في كل الاماكن والازمنة ينطلق الرعاة مع مواشيهم الى الحقول والتلال لترعى الاغنام فيها . وهكذا هو حال الرعاة الفلسطينين وهي احدى سمات انبيائهم التي يتفاخرون بها فقد كان النبي عيسى عليه السلام راعيا، والنبي محمد عليه الصلاة والسلام يعمل في الرعي قبل نزول النبوة عليه ايضا، ويقول النبي محمد صل الله عليه وسلم " ما بعث الله نبيا الا ورعى الغنم " حيث يقوم الرعاة بالانطلاق بماشيتهم كل صباح ويعودون الى مراكزهم وبيوتهم بها مع حلول المساء، ولكن مع انتشار الاستيطان في الضفة الغربية ، وتحويل مساحات كبيرة من الاراضي الى ما يسمى بمحميات طبيعية فقد تقلصت المساحات الرعوية بسبب الانظمة والقوانين العسكرية التي اقرها الاحتلال في سبيل مصادرة الاراضي لاغراض الاستيطان ، كما ان جدار الفصل العصري قلص المساحات الرعوية الى %19 من مساحة الارض الرعوية حيث التهم اكثر من 320 الف دونم .
وتحت حجج واهية اقدمت سلطات الاحتلال على تقليص المساحات الرعوية ايضا بحجج مناطق عسكرية، وطرق التفافية واستيطان. وقد قامت سلطات الاحتلال بمنع المزارعين من الرعي في المساحات الرعوية ، ولاحقتهم وهدمت حظائرهم وصادرت كثيرا من المواشي ، والادوات الزراعية في مساعيها لطرد الفلسطينين الى مناطق تسمى A, B.
لقد اسهم الاستيطان وبناء الطرق الالتفافية بتقليص المساحات الرعوية وعمل المستوطنون على مطاردة المزارعين وتهديدهم وقتل مواشيهم وتسميم الابار والمراعي. ومع صعود نجم ما يسمى شبان التلال من المستوطنين الذين اخذو يضايقون المزارعين في شتى السبل والوسائل التي تمنع المزارعين من القيام بعملهم في الحقول والبراري والتلال لرعي المواشي. بل ذهبوا الى ابعد من ذلك في تسميم الحقول وابار المياه الجمعية، مما ادى الى نفوق مجموعات كبيرة من الاغنام، وقاموا ايضا بالاستيلاء على العديد من الاغنام اثناء عملية الرعي في تلك الحقول. تجري العمليات في وجود الجيش الاسرائيلي الذي لا يحرك ساكنا، وفي معظم الاحوال يشارك الجيش المستوطنين تلك المهام، ويقدم لهم الحماية.
وعلى مدى تطور الاستيطان تحاول الحكومة الاسرائيلية، اصدار القوانين والاحكام العسكرية لمنع تمدد السكان وخاصة في المناطق التي اسمتها ج ، وحدت بذلك من عملية الرعي في البراري واصبح المزارع يعتمد في اطعام الماشية بشكل اكبر على الاعلاف التي يرتفع سعرها لاسباب عديدة ، وسببت في ارتفاع اسعار اللحوم .
وبسبب تلك الظروف المحيطة في عملية الرعي من المضايقات التي سببها الاحتلال والاستيطان، فقد تقلصت اعداد المواشي الى اكثر من ثلثي هذه المواشي ، واصبحت هذه المادة الغذائية مكلفة للمستويات الشعبية ومتوسطة الدخل في فلسطين.
الامن الغذائي في فلسطين ضرورة ملحة يجب الانتباه اليها، والعمل على حل مشاكلها ، حتى لا نجد انفسنا امام مطبات جيوسياسية تسبب نقص في احد مكونات الامن الغذائي الفلسطيني.
المهم في هذا الخضم متى سيصدر الرعاة الفلسطينيون الى الحقول ؟ دون خوف او وجل ، دون ان يقف المحتل والمستوطن في طريق مراعيهم، دون ان تطاردهم في الوديان والتلال والحقول زعران الاحتلال ، وجيباتهم وتشرد اغنامهم ، وترحلهم عن مراعيهم!، "يرونه بعيدا ونراه قريبا". الاحتلال اليوم يكاد اليوم يحاصر الشعب الفلسطيني في كل زاوية من زوايا حياته اليومية فهو لا يرى ان الشعب الفلسطيني له الحق في الحياة. لقد صادر الاحتلال حق الفلسطيني في المياه ، والزراعة، والحصاد، والحركة، وافقدهم مصادر رزقهم، هذا هو الدفع الى التهجير القسري للشعب الفلسطيني خارج ارضه ووطنه.

تعليقات
إرسال تعليق