طفلة بعد انقاذها من تحت الانقاض تسال الطبيب الذي يعالجها :" عمو احكيلي هذا حلم ولا حقيقة" والدموع تتلئلئ  في وجنتيها

بقلم مروان سلطان

5.12.2023

———————

كثيرة هي الحكايات التي نرصدها وتصل الى مسامعنا واكثر منها ما لم يعرفه احد تكون قد ضاعت وطوى سجلها الزمن ، اذا كتب الله النجاة لاحد في غزة فتلك من المعجزات للناجين المدنيين من القصف الاسرائيلي على غزة من هولها وانواع الذخائر التي يستعملونها. كل واحد من اهل غزة له حكايته التي لم تسرد بعد من هول المصيبة وهمجية الاحتلال. وكثير يصحو فيجد نفسه ملقى في ممرات المشافي التي لا يوجد اصلا فيها علاج واصبحت خارج الخدمة الطبية لاسباب القصف والتدمير والحصار وانقطاع الكهرباء وشح الدواء والغذاء. 

وهناك حكايات تقشر لها الابدان وتخرج اللبيب من عقله، وتجدك عاجزا عن عمل شئ الا من المواساة او تقف لتذرف دموعك التي لا تتوقف حزنا وكمدا ومشاركة للمصابين ومن فقدوا من اعزة واحباب.

توقفت انفاسي عندما شاهدت طفلة تبكي وتقول للطبيب المعالج " قل لي  عمو "هذا حلم ولا حقيقة" "قل لي ان هذا حلما".  كيف لهذه الطفلة ان تنسى! وكيف اذا ما فقدت ايا من ذويها او احد من ذويها او اخوانها او لربما كلهم ، وكثير هم من اهل غزة الذين يتموا او رحلت عنهم جميع اسرهم. ليبقى محظوظ بالعيش وهو يتمنى لو مات. بل اني شاهدت اطفالا من الذين فقدوا ذويهم يقولوا "لو متنا معهم كان  احسن لنا". وامهات تبحث عن طفلها المفقود ذو الشعر الأشقر المتلوي في اروقة المشافي وبين ادراج ثلاجات الموتى. شاهدت عويل الامهات وانات الاطفال. طفلة تقول هذه امي انا اعرفها من شعرها كانت قد ارتقت بين الشهداء…… .

اي حديث يقال عن الخوف والحزن واصوات المدافع التي صبت على رؤوس الابرياء من الاطفال والنساء وهم غالبية الضحايا في هذا العدوان على قطاع غزة . اي ذاكرة يحملها اطفالنا عن الماسي التي يعيشونها عندما تنهار عليهم المباني ويقبعون تحت الانقاض ، يعيشون لحطات الموت. اي حديث يقال عن الصبر على الاحزان وفراق الاحبة.

اي ظلم لحق بالطفولة ونحن بالقرن الحادي والعشرين ، وقد امتلئت اروقة الامم المتحدة ومؤسسات الطفولة وحقوق الانسان التابعة لها في بروتوكلات لم تنفعهم في شئ.  اليوم سقطت كل الاوراق ، واصبح اللون رماديا لا يغني ولا يسمن من جوع . اذا لم يجد هؤلاء الاطفال من يحميهم ومن يقدم لهم الرعاية فلا كانت ولا كانوا.

للفلسطيني الحق على كل الامم ان يحظى برعايتها وخاصة في دول الجوار ودول الشتات ، لان الفلسطيني ساهم ببناء تلك الدول ، وان كثيرا منها ينعم بالتعليم والامن والتطور والانتعاش الاقتصادي بسبب الفلسطيني الذي اما لجأ اليها او ذهب للعمل فيها في مختلف الحقول. اي طفولة هذه التي نجت من الدمار والقتل تحت الركام . كيف تتحمل ذاكرتهم تلك العذابات التي سيحملونها في عبور المستقبل .

في الحرب ارادوا وعزموا ان لا يقدموا الماء والطعام والدواء الى غزة الاعندما خافوا ان تنتشر بين الغزاة المجرمين الامراض بسبب انتشار الجثث في الشوارع والازقة والحواري. فقاموا بارسال اسعاف اولي للوقاية من الامراض بسبب تعفن الجثث في الشوارع. وكان اهم ما تم تزويد غزة به اكياس الجثث وكانهم فقط يقولون هذا لكم.

نعم انه كالحلم ، لا يمكن لعقل ان يستوعب هذا القتل وهذا الدمار الذي تعمل الالة العسكرية الاسرائيلية عليه. انها لحظات وثوان معدودة ويكون اللون الرمادي قد غطى الشوارع واجساد الناس وتلونت الوجوه بها. لم ترى عيني قط كيف يصبح لون الافق بعدما ترمي الطائرات الحديثة من الصناعة الامريكية ذات التكنولوجيا المتقدمة ترمي حممها عل البيوت لتزيل احياء بكاملها. اما الذخيرة التي تستخدم فقط في الحروب بين الجيوش اكلت من لحم ودماء  الاطفال والنساء والشيوخ.

في تاريخ الصراع الذي عاصرناه كان يتم اصابة او ارتقاء المجاهدين من ابناء الشعب الفلسطيني ، بمعدل شهيدين او ثلاثة ولا يتعدى خمسة في اليوم. اما اليوم فاليوم الواحد يتعدى المئات من الشهداء الذين لا حول لهم ولا قوة. 

كل هذا يحدث بسبب الشعور ان دولة الاحتلال لا تخضع للمحاسبة والمسألة وما من حسيب او رقيب. منظومة يتغيب عنها العدل والامن والحب والانسانية لانها تكيل بمكاييل ومعايير مختلفة بين من هو قوي وضعيف وبين من هو ابيض واسود وبين من بعيون زرقاء او بنية وبين الاشقر والاسود. الحسابات في هذه المنظومة ليست بالتساوي واحقاق الحق. العدل فيها مخروم ومصبوغ بالجرائم التي تنال الاطفال والنساء والامنين.

لكن "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". ولا بد من يوم معلوم تترد فيه المظالم، ويسود الحق والعدل الذي يحبه الله والمؤمنون. انهم اطفال فلسطين عاشوا الرباط من اوسع الابواب. ينتظرون عمر وصلاح الدين وقطز والطاهر بيبرس. انهم ينتظرون نخوة المعتصم الذي لبى نداء امراءة مسلمة كان قد اسرها الروم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرئيس ابو مازن كال الصاع صاعين لنتنياهو في محاولة منعه زيارة سوريا ، والزيارة تمت وفق الوقت والاهداف المرسومة. بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

مؤتمر الدوحة خنجر مسموم في خاصرة الشرعية الفلسطينية وانقلاب اسود في تاريخ المشاركين مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸.

ليس تبريرا ولكن حزنا وكمدا على غزة واهلها كانت كلمات الرئيس عباس الى حماس بفلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸