الخطة الامريكية لوقف الحرب خياطة امريكية على مقاس اسرائيل
الخطة الامريكية لوقف الحرب خياطة امريكية على مقاس اسرائيل
بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸
30.9.2025
———————————————
سيناريو إعلان الخطة الامريكية للرئيس ترامب لم يكن محض صدفة ولا مسارًا عبثيًا، بل دلالة واضحة على أن ما يحدث حولنا تحت المجهر الأمريكي؛ يراقب، يوجّه، ويتدخل عندما يستدعي الأمر مشرطه لصالح إسرائيل.
نتنياهو الذي وقف يخاطب العالم من على منصة الأمم المتحدة، لم يجد من يصغي له، بعدما ملّ العالم واكتشف حجم أكذوبة الرواية الإسرائيلية. عندها كان لا بدّ للجراح الأمريكي أن يتدخل ليعيد ضبط المسارات ويعدّل التوجهات، ويجري عملية تجميل للوجه الإسرائيلي الذي شُوّه بسياساته، ليخرجه بمظهر جديد مقبول.
اليوم كل شيء واضح وجلي؛ فالفضاء الإعلامي أشبه بقنبلة تلفزيونية، تنقل بالصوت والصورة ما يجري على الأرض، وتكشف مجريات الأمور بلا مواربة. لقد ضجّ العالم وملأته الكآبة مما يحدث للشعب الفلسطيني في غزة أولًا والضفة الغربية ثانيًا. صور خالية من الألاعيب والأكاذيب والتزوير، لأن العمليات العسكرية تجري أمام الأعين على الهواء مباشرة. ومن هنا جاء التدخل الأمريكي لينقذ إسرائيل من نفسها.
كانت الآمال معلقة على أن يعلن الرئيس الأمريكي وقف إطلاق النار، ولو فعل لاستحق جائزة نوبل للسلام، لكنّه لم ولن يفعل. فالإعلان يعني الاعتراف بالهزيمة أو الانتصار، وهذا ما لا تسمح به الحسابات. ومع أن الحرب أوشكت على نهايتها، جاء الإعلان عن الخطة في توقيت مدروس، ليضع من يرفضها في خانة المتحمّل للمسؤولية. لذلك جاء الرد الإسرائيلي سريعًا على غير العادة، باعتبارها مخرجًا لنتنياهو من تبعات فشله.
الجيش الإسرائيلي اقتحم كل منطقة في غزة مرارًا، وأجرى عمليات عسكرية، لكنه لم يحقق سوى المزيد من الأعباء. عمليًا، احتلت إسرائيل غزة، ولكن ماذا بعد؟ من يدفع الثمن هم المدنيون العُزّل الذين يعيشون صنوف العذاب والجحيم، لكنهم ما زالوا صامدين.
بين عالم أدرك الحقيقة وكشف زيف الدعاية الإسرائيلية، وبين جرائم ترتكب تحت أهداف باتت مكشوفة ولم تتحقق، برزت الرواية الفلسطينية لتكشف المستور، فنبذ العالم إسرائيل تحت وطأة الحقيقة. وجاء المخرج بالتدخل الأمريكي لإنقاذ نتنياهو من تبعات الجرائم التي ارتكبها.
هذا التدخل أنصف إسرائيل، وأخرجها من وحل غزة، وألقى بالمسؤولية في حضن الفلسطينيين. وأعاد التأكيد على أن القدس عاصمة لإسرائيل، دون طرح مشروع شامل ينهي الصراع ويحقق السلام الحقيقي. المسائل الحساسة التي تبقي جذوة الصراع متقدة بقيت كما هي. والمطلوب من الفلسطيني أن يتحمل الضربات على جسده المنهك، ويُحرم من الشكوى أو التوجّه إلى المحافل الدولية، بينما يُطلب منه في المقابل تنفيذ “الإصلاحات” ويُصوَّر كغير المؤهل لقيادة شعبه.
لقد تحولت “الإصلاحات” إلى أداة ضغط في يد الولايات المتحدة وإسرائيل لشلّ السلطة الفلسطينية، حتى أن الخطة الأمريكية تجاهلت دورها في إدارة غزة. أما الجدول الزمني، وهو أهم ما يفترض أن يحدد مصير الخطة، فقد جاء مبهَمًا باستثناء بند واحد يتحدث عن تسليم الرهائن خلال 72 ساعة. وما تبقى صيغ على المقاس الإسرائيلي، كخطة عامة قابلة للتمديد بلا سقف زمني، كما حدث في أوسلو التي امتدت من توقيعها حتى اليوم، والمستقبل ما زال مجهولًا.
إن الخطة الأمريكية مدخل لإحياء مشاريع التطبيع مع العالم العربي والإسلامي، وتوسيع “التفاهمات الإبراهيمية”، بدل أن تكون مدخلًا لإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان ووضع حدّ لأحلام إسرائيل التوسعية على حساب الدول العربية.
ويُقال في الأمثال: عندما يكون الذئب قاضيًا، تصبح حقوق الأغنام مجرد رأي. هذه الخطة وُضعت في توقيت مناسب، وصيغت على المقاس الإسرائيلي لمصلحة إسرائيل البحتة. لكن وقف الحرب والتهجير يظلّ مكسبًا لا يُستهان به لوقف نزيف الأرواح. ومع ذلك، فإن حقوق الشعب الفلسطيني ثابتة وراسخة، لا تقبل التنازل ولا التفريط.

تعليقات
إرسال تعليق