اليد العليا للاحتلال أم صمود الزيتون والزعتر؟ المدن للجيش والقرى للمستوطنين: استباحة شاملة للأرض الفلسطينية

 اليد العليا للاحتلال أم صمود الزيتون والزعتر؟

المدن للجيش والقرى للمستوطنين: استباحة شاملة للأرض الفلسطينية


بقلم مروان سلطان.        فلسطين 🇵🇸

27.8.2025

—————————————-

لا حُرمات ولا ممنوعات أمام عمليات الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية؛ كلها مستباحة. تدخل وتخرج قوات الاحتلال دون أي حرج، من شمال الضفة الغربية إلى وسطها وجنوبها، حيث يجري الجيش عملياته فيها دون توقف، لا في الزمان ولا في المكان. الاقتحامات العسكرية للمدن الفلسطينية ليست فقط عمليات أمنية، بل تحمل في طياتها رسائل سياسية للشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية: أن لا سلطة لكم على مدنكم. وايضا فيها رسالة اخرى للمجتمع الدولي: أن إسرائيل تفعل ما تشاء دون محاسبة.  هذا يعزز فكرة أن ما يجري هو فرض معادلة قوة على الوعي الفلسطيني أكثر من كونه مجرد إجراء ميداني.


نصّت الاتفاقيات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على بروتوكولات ابقاء الجيش الاسرائيلي خارج المدن الفلسطينية الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، وبقي الأمر قائمًا، حتى الاجتياح العسكري الإسرائيلي لمناطق السلطة الفلسطينية التي سُمّيت مناطق A، بمعنى تم اعادة احتلال المدن الفلسطينية. ومن ثم فرض الاحتلال أمرًا واقعًا جديدا  في الدخول والخروج إلى تلك المناطق بحكم القوة المسلحة، وكل ما عليه أن يقوم به هو إعلام الجانب الفلسطيني عبر الارتباط العسكري بأن الجيش الإسرائيلي لديه نشاط وأن المنطقة تخضع لما يسمى بعُرف الاحتلال “00” أي “صفر صفر”، بحيث يبقى الأمن الفلسطيني داخل الثكنات أو المواقع الأمنية الفلسطينية دون مغادرتها. امام هذا التوجه ، فان الاحتلال يريد ان يبسط هيمنة سياسية وعسكرية للاحتلال الاسرائيلي ، في عملية متقنة ومدروسة لانهاء دور السلطة الفلسطينية على الارض الفلسطينية. • مفهوم “00” ليس فقط إجراءً أمنياً، بل أداة سياسية ، يعطّل دور السلطة الفلسطينية ويجعلها رهينة ، ويخلق فراغًا أمنيًا يُستغل لتمرير عمليات تهريب أو تصفية حسابات. هنا يظهر التناقض على الارض الفلسطينية: السلطة موجودة شكليًا، لكنها عمليًا مُعطّلة.


بالأمس، وكثيرًا ما يحدث، داهمت قوات الاحتلال مدينة رام الله، العاصمة المؤقتة للفلسطينيين، في عملية طالت أحد محلات الصرافة الفلسطينية في المدينة، وحدثت مناوشات بينها وبين الشباب الفلسطيني. كما طالت العملية تجمعًا للنشطاء الفلسطينيين الذين قاموا بوقفة للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء المحتجزة، فأمطرتهم قوات الاحتلال بالرصاص وقنابل الغاز. عمت الفوضى في المدينة وأصيب العديد من الشبان بالرصاص والغاز المسيل للدموع. ورافق ذلك قيام الجيش الإسرائيلي باعتقال أحد ضباط قوات الأمن الفلسطينية في وسط مدينة الخليل من داخل أحد البنوك.  هذه العمليات للجيش الاسرائيلي جزء من مشهد يتكامل مع الدور الذي يقوم به في كل اجزاء الضفة الغربية حيث العمليات في الشمال طالت المخيمات واعملت بها تدميرا ، في اطار مشهد جديد لمحو الذاكرة الفلسطينية.


اقتحامات المدن الفلسطينية وما يرافقها من مصادمات وأعمال تخريب ومصادرة أموال وممتلكات، باتت مظهرًا دائمًا لدخول الجيش الإسرائيلي. كثير من حالات إعلان ما يسمى “صفر صفر” تُستخدم لتفريغ المناطق من الأمن الفلسطيني وتمرير عمليات وصفقات مشبوهة، منها تهريب ممنوعات أو بضائع من إسرائيل إلى الضفة الغربية عبر هذه الحالة.


وفي الوقت الذي يستبيح فيه الجيش المدن الفلسطينية لأي سبب كان، أو حتى بلا أسباب، فقط ليستعرض قوته وهيمنته أمام المجتمع الفلسطيني، فإن القرى والتجمعات الفلسطينية مستباحة بشكل يومي وعلى مدار الساعة أمام عربدة المستوطنين الإسرائيليين، في عملية لتكامل الادوار بين الطرفين حيث يفرض الجيش الهيمنة ويقوم المستوطنون بالاستيلاء على الارض والمقدرات فيها. ينتشر الاستيطان الرعوي، حيث تقوم ما تُسمى “عصابات تلال الجبال” بالإغارة على التجمعات الفلسطينية، وسرقة المواشي والدواب من المزارعين الفلسطينيين، والبدء بمرحلة من الاستيطان الرعوي في التلال الفلسطينية.


وآخرون يهاجمون المزارعين في أيام الحصاد ليستولوا على محاصيل الزيتون، أو يحرقون الحقول، أو يكسّرون الأشجار، في عملية عربدة منظمة ومسلحة ومعززة بقوات الجيش. أعمال العربدة والشغب والعنف لا تنتهي ولا رادع لها، وتهدف إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم وممتلكاتهم بغرض الاستيلاء عليها لأغراض الاستيطان.


أعمال الاستيطان لا حدود لها، فالمستوطنات متعددة: منها الزراعي، ومنها الصناعي، ومنها الاقتصادي، وأخرى لزرع المستوطنين القادمين من الخارج. عمليات لا تنتهي وأرض مستباحة أمام صمود أسطوري من أصحاب الأرض، الذين فقد كثير منهم أبناءهم وأحباءهم بسبب عنف المستوطنين.


الاحتلال ومستوطنيه، من خلال اقتحام المدن والقرى والتجمعات، يريدون فرض حالة أن اليد العليا على هذه الأرض للاحتلال، بينما يقف في وجهها الفلسطيني برسالة بقاء وصمود تقابل رسالتهم: أننا على هذه الأرض باقون ما بقي الزعتر والزيتون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرئيس ابو مازن كال الصاع صاعين لنتنياهو في محاولة منعه زيارة سوريا ، والزيارة تمت وفق الوقت والاهداف المرسومة. بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

مؤتمر الدوحة خنجر مسموم في خاصرة الشرعية الفلسطينية وانقلاب اسود في تاريخ المشاركين مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸.

ليس تبريرا ولكن حزنا وكمدا على غزة واهلها كانت كلمات الرئيس عباس الى حماس بفلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸