فلسطينيا المهم "أن نكون ": المشروع الوطني الفلسطيني في مواجهة مخططات إسرائيل
فلسطينيا المهم "أن نكون ": المشروع الوطني الفلسطيني في مواجهة مخططات إسرائيل
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
28.8.2025
——————————————
من هي الدولة التي تقرر مصير الشعب الفلسطيني؟ اي كانت قوتها او عظمتها لا يمكن لها ان تنيب نفسها عن الشعب الفلسطيني لتقرر ارادته ومصيره؟ لا اسرائيل ولا اميركا ولا من ينوب عنهما من الاذناب والاتباع يحق له ان يدعي الحديث او يقرر عن الشعب الفلسطيني ، انه الهذيان السياسي، لا اقل ولا اكثر.
فقط الضعفاء الذين يسلمون أنفسهم لمشيئة الاعداء او إرادتهم. منذ أن جاؤوا لاجئين إلى حيفا ويافا، للعمل عمّالا في الحقول والمخابز والطرقات وقد علاهم الامراض والجرب والهزال ، وساعدهم من ساعدهم ليقيموا دولتهم على أنقاض فلسطين، وهم منذ وطئوا ارض فلسطين لا يريدون أن يروا أي فلسطيني. تصريحاتهم، أفعالهم، جرائمهم أدت إلى نكبات وإبادة للشعب الفلسطيني، وجل امانيهم ان يبتلع الفلسطينيون البحر.
اليوم، وعلى أثر الحرب التي تشنها إسرائيل بكافة اشكالها على الشعب الفلسطيني، تريد أن تستكمل ما لم تنتهِ منه بتشتيت الشعب الفلسطيني وتهجيره إلى بلاد تبعده عن التفكير بالعودة إلى أرضه ودياره. مخطط اسرائيلي في كي الوعي الفلسطيني ، وانهاء وعيه في ماضيه وتراثه وثقافته وهويته الفلسطينية.
تضع إسرائيل نصب أعينها إسقاط السلطة الفلسطينية بهدف إنهاء المشروع الوطني الفلسطيني، وهو حلم الدولة الفلسطينية. فمنذ الاجتياح الإسرائيلي عام 2002 عملت على تقويض السلطة وتجريدها من سلطاتها، لتصبح سلطة بلا سلطة في الضفة الغربية. وفي غزة عززت الانقسام وأبقت عليه أداة لتفكيك الوحدة الوطنية. اسرائيل تقوض السلطة ، تقرصن اموالها ، تحارب وجودها ، في كل صباح ومساء ابواقها تتحدث عن تدمير السلطة وانشاء سلطة او سلطات بديلة.
ومنذ ان اعلنت بعض الدول نيتها الاعتراف في دولة فلسطين، جن جنون حكومة اليمين الاسرائيلي، وبالمناسبة ان جميع الحكومات والمسؤولين الاسرائيليين ومعها الاغلبية للشعب الاسرائيلي متفقون على شئ واحد الا وهو لا للدولة الفلسطينية . انا لا اشك ان اسرائيل لديها خيارات ، وهي تنفذ فعاليات على مدار الساعة بواسطة الجيش والمستوطنين في ضرب المشروع الوطني الفلسطيني.
لذلك تعمل اسرائيل اليوم ليل نهار على شيء واحد الا وهو اسقاط السلطة الفلسطينية. ليس لان السلطة الفلسطينية معادية لاسرائيل او لانها النموذج الذي يحلم به الفلسطينيون في الحكم الرشيد، انه فقط لان السلطة الفلسطينية ، لديها في جعبتها المشروع الوطني الفلسطيني واحد في جعبتها، وهو اقامة الدولة الفلسطينية " وعاصمتها القدس " ، وقد قطعت شوطا في تتفيذه ، وكانت النتائج صادمة لها للاحتلال ، ولهذا السبب فان الغاء السلطة الفلسطينية ، وتقويضها وضرب برنامجها الوطني يعتبر من وجهة نظر اسرائيلية واجب وطني ، وعلى راس اولوياتها.
لا تخفي إسرائيل محاولاتها لخلق بدائل على مقاسها، مثل “أبو شباب” في غزة وروابط القرى في السبعينات. التلويح بسلطة العشائر مشروع يطفو بين الحين والآخر، لكنه لم ينجح، لأن الحاضنة الوطنية الشعبية لفظته دائما، ولأن التجارب السابقة أثبتت فشل إسرائيل في صناعة قيادة شرعية بديلة. وامام كل هذا الصخب ، اسرائيل فشلت في كل ما تحاول من خلق اجسام عميلة لها تتربع على ادارة دفة الحكم في فلسطين . لقد سبق وان سقطت كل محاولتها في ذلك ، انشات جيش لحد في جنوب لبنان وتلاشى، وانشات روابط القرى، وتلاشت، وعززت دور بعض العشائر الا انهم باستمرار ينظر اليهم انهم عملاء لاسرائيل، وبهذا مكانتهم ستبقى وضيعه الى وفاتهم ولن تجد من يدفنهم في مقابر الانقياء.
لقد كان شعبنا دائما عظيما بصموده ونضاله ، فهوه لديه قيادة حكيمة تقوده الى بر الامان، ولكن اسرائيل التي نفذت الى كل الأضاد، فكان الاسهل عليها التسلل الى الشان الفلسطيني وتفجر ليس البيجر ، ولكن نالت من العمق الفلسطيني في وحدته ولحمته ، وخلقت شروخا ادمى العلاقة بين الوطن والموطن وشوهت المشهد الفلسطيني الذي طالما كان املا في الصمود والتحدي.
ومع ذلك، لذا فان الخطر الحقيقي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني يكمن في نجاح إسرائيل في زرع أيدٍ وعيون تعمل خرابا في داخل الجسم الفلسطيني، تعمل بالنيابة عنها لتعمق الشرخ بين الفلسطينين . هذا الاختراق الذي ابدعت به اسرائيل في العديد من الدول المناوئة لها ، هو الذي ما يفسر وجود عصي في الدواليب دائما في مسيرة الشعب الفلسطيني الناشئة، وتعطيل كل سبل التحرر الوطني والبناء والتنمية، وهو ما يجعل المواجهة أكثر تعقيدا، لأن الهدم من الداخل اساس الانهيار.
ومع كل هذه التحديات، تبقى خيارات الصمود الفلسطيني قائمة وفاعلة هي التي تبقينا على قيد الحياة من خلال الوحدة الصف الوطني وتجاوز الانقسام الذي استثمرت فيه إسرائيل لعقود. ومواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني وتعصف به ،وتعزيز صموده على ارضه ووطنه .
نحن على أعتاب متغيرات كبيرة في المنطقة، من غزة وتبعات إنهاء الحرب هناك، إلى اليوم التالي وما قد تحمله من مشاريع إسرائيلية لإدارة الشأن الفلسطيني. لكن في مقابل مخططات الاحتلال، يملك الشعب الفلسطيني قوة الإرادة والإصرار، وهو ما يجعل أي مشروع بديل مشروعا ناقصا ميتا قبل أن يولد.
ليس المهم ماذا تريد اسرائيل ، فهي تريد ابقاء وضمان سيطرتها وعدم مناوئتها، لكن كيف ستتعامل مع ارادة الشعوب واحلامها، في لا تستطيع فمع الارادات واحلام الشعوب بالحرية والديمقراطية. مقاسات الشعوب في الحريات لا تتطابق مع مقاسات اسرائيل في الهيمنة، والنفوذ.
إن المشروع الوطني الفلسطيني ليس خيارا سياسيا عابرا، بل هو جوهر وجودنا ومعنى بقائنا. تستطيع إسرائيل أن تلوّح بالعشائر، وأن تعيد إنتاج روابط القرى، وأن تزرع العيون في جسدنا الوطني، لكنها لا تستطيع أن تلغي إرادة شعب يصرّ على أن يكون. ما بين محاولات التصفية ومشاريع الهيمنة يبقى السؤال واحدا لا يتغير: أن نكون، او لا نكون فهذا هو الجواب الفلسطيني في ان " ان نكون" أمام كل محاولات الإلغاء.

تعليقات
إرسال تعليق