التصويت لصالح قرار ضم الضفة الغربية… لا يساوي الحبر الذي كتب به

التصويت لصالح قرار ضم الضفة الغربية… لا يساوي الحبر الذي كتب به

مروان سلطان — فلسطين 🇵🇸

24.7.2025


————————————————

القطيع الذي يعتلي الشأن العام في دولة الاحتلال، شغله الشاغل وجلّ جهوده لا تعلو عن فهم عمل العصابات فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني. وحتى إمكانية تأهيله للحياة المدنية أمر مقطوع منه الرجاء والأمل.


عالم من المشردين يسمّون أنفسهم تارة “تلال الجبال”، وآخرون “غوش إيمونيم”، وغيرهم من المسميات. وليس الاسم هو المهم، بل جملة ما يقومون به باتجاه الشعب الفلسطيني. أصلاً، العمل الاستيطاني هو برنامج إحلالي يقوم على طرد الفلسطينيين من ممتلكاتهم وأرضهم، ليحلّ محلهم المستوطنون. منطق العصابات هذا يقوم على مبدأ: “اللي ببلاش كثر منه”، وبالتالي، أينما يمرّون، وأينما يسيرون، هذه حدود ممتلكاتهم وفق فهمهم.


ليست هذه هي القضية، بقدر ما هو افتئات هؤلاء، وكل شركائهم السياسيين، أن يجتمعوا يوم أمس ليتخذوا قراراً غير ملزم بضم الضفة الغربية.

ليس المهم ماذا تقرر تلك العصبة أو الزمرة، لأن في المقابل هناك شعب اسمه الشعب الفلسطيني، هو صاحب القرار، وهو من يقرر ماذا يريد.


لقد استباحت إسرائيل كل شيء، ومسحت كل الأعراف، وألغت كل الاتفاقيات. لا بأس، نحن في هذه الحالة نعود إلى المربع الأول في هذا الصراع الذي طال أمده، بغض النظر عن النتائج. فلسطين وطن الشعب الفلسطيني، وهي أرضه التي وُلد عليها ونشأ، ولا مكان لنا إلا هي. مهما ذبحتم، ومهما قتلتم، ومهما هدمتم من بيوت ومساجد ومعابد ومدارس ومستشفيات وجامعات، فقدرنا أن نبني، إذا كان قدركم أن تقتلوا وتهدموا.


إشغال الرأي العام المحلي والعالمي بهذه القصة لم يأتِ من فراغ. عالمياً، تريد إسرائيل حرف الأنظار عمّا يدور في غزة، وخاصة المجاعة التي بدأت تؤثر على الغزيين، وبات الناس على وشك الهلاك، وبدؤوا يتساقطون الواحد تلو الآخر من الجوع، غير أدوات القتل الأخرى الجارية. ومحلياً، مرت هذه القصة مرور الكرام، بمعنى أن الشارع الفلسطيني لم يعبأ بها. فقضية محاولة الاستيلاء على الضفة الغربية ليست مفاجئة للشارع الفلسطيني، فالكل يعلم بمخططات الاحتلال. وعلى الأرض، تدور وقائع هذه المسرحية، لكن الناس ماضون في معيشتهم، ثابتون على أرضهم، والصراع قائم ومستمر.


أما قضية تفجير هذه “القنبلة”، فقد تلقفها الإعلام وردّد مصوغات القرار، وهذا جزء لا يتجزأ من انتهاكات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. وبالتالي، فإن هذه الصفعة تضاف إلى كل الصفعات التي قام بها الاحتلال، ولا تزيد الشعب الفلسطيني إلا تمسكاً بأرضه ووطنه.


إسرائيل تحاول أن تضع رأسها في الرمل، حتى لا تسمع ذلك الصخب العالمي والمحلي جرّاء السياسات التي تمارسها في الأراضي الفلسطينية. إسرائيل لا تريد أن ترى، لكنها ترى كل يوم، وتعلم أن الفلسطينيين يشكلون اليوم سبعة ملايين نسمة في الأراضي الفلسطينية. ومع ذلك، ترى أن أعمال الجزارة هي الحل الأنسب للديموغرافيا الفلسطينية، ولا تطرح حلاً آخر، بمعنى حلٍّ حقيقيٍّ يحقق العدالة للشعب الفلسطيني. وكل من يفكر من القيادات الإسرائيلية في حلّ، تمت تصفيته أو سجنه، لأن الاحتلال لا يرى الحل مع الفلسطينيين إلا بالقتل أو التهجير. لكن هذا “الحل” بات خارج الزمن، أمام صمود الفلسطينيين وثباتهم على أرضهم.


المشروع الإسرائيلي حصل على أقسى الإدانات العربية والدولية، وهذا ما يريح بال إسرائيل، لأن ردات الفعل لا تتعدى تلك الإدانات، وتستمر الحياة. كل التطبيع العربي تم تحت شعار “عدم الضم”، وتم تأجيل القرار إلى وقت لاحق. لكن إذا حصل هذا القرار على الإدانات فقط، ولم يكن هناك إجراء حقيقي في العلاقات العربية والدولية، فإن القرار غير الملزم اليوم، سيأتي غداً ملزماً، وسيمضي قدماً بالتطبيع أو بدونه.  القرار يحتاج إلى إجراء دولي حقيقي، يوقف الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، ويشعرها بأنها ليست خارج منظومة المساءلة القانونية.


إن القرار غير الملزم الذي مرّ في الكنيست هو مجرد بالون اختبار، لكن الرد عليه لا يجب أن يكون بالإدانات وحدها. ما لم تتحول هذه الإدانات إلى أفعال ملموسة — على صعيد العلاقات الدبلوماسية، أو التعامل القانوني الدولي، أو على الأقل وقف التطبيع — فإن إسرائيل ستواصل سياسة القضم خطوة بعد خطوة، حتى تُعلن الضم كأمر واقع.  إن هذه اللحظة تتطلب من العرب والعالم وقفة تتجاوز البيانات، لأن الاحتلال إذا نجح في تمرير الضفة على الورق، فلن يتردد في تمرير شعبها عبر التهجير، كما يفعل اليوم في غزة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرئيس ابو مازن كال الصاع صاعين لنتنياهو في محاولة منعه زيارة سوريا ، والزيارة تمت وفق الوقت والاهداف المرسومة. بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

مؤتمر الدوحة خنجر مسموم في خاصرة الشرعية الفلسطينية وانقلاب اسود في تاريخ المشاركين مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸.

ليس تبريرا ولكن حزنا وكمدا على غزة واهلها كانت كلمات الرئيس عباس الى حماس بفلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸