البنوك العاملة في فلسطين: دور مهني فاعل وغياب للنهج الوطني

https://www.facebook.com/share/p/1DefoWG6xh/?mibextid=wwXIfr

البنوك العاملة في فلسطين: دور مهني فاعل وغياب للنهج الوطني



بقلم الكاتب مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸

1.7.2025

——————————————


في فلسطين، ليست المسألة استثناء، ولكن لأن فلسطين ما زالت ترزح تحت الاحتلال، ولأن الاحتلال هو الآمر الناهي في الأراضي الفلسطينية، فإن الواقع الحالي، وبعد أن عطل وجمد العمل بالاتفاقيات المبرمة مع الجانب الفلسطيني، من المفترض أن يخضع العمل المؤسساتي لمقومات تجمع بين المهنية والنهج الوطني.

المجتمع المدني له دوره المهني، وهذا نهج مؤسساتي مطلوب أن تتحلى به كافة المؤسسات، سواء في الظروف العادية أو الحالات الطارئة. ولكن، عندما يتعرض الوطن للأزمات والتحديات، فإن المطلوب هو الارتقاء إلى مستوى التحدي، ما يستدعي استجابة تتناسب مع الحالة الطارئة التي يمر بها الوطن.

في كل دول العالم، تعمل مؤسسات المجتمع المدني وفق نظام مهني وأصول العمل الإداري، وتُسهم في بناء الاقتصاد الوطني حيث مقراتها ونطاق عملها. لكن في فلسطين، لا تزال هناك قيود غير موجودة في غيرها من الدول ولا تخضع لاسلوب العمل المهني منا يتطلب رؤية تضع الحلول للازمات الناشئة، كل هذا بسبب تداخلات الاحتلال الإسرائيلي واتفاقيات عفا عليها الزمن ما زالت تضع قيودا على مسار العمل المهني ، وكان من المفترض أن تنتهي تلك الاتفاقيات بعد خمس سنوات من توقيعها.

البنوك العاملة في فلسطين، ومعظمها بنوك عربية، تعمل بموجب اتفاق فلسطيني–عربي–إسرائيلي، وهي مقيدة بتعليمات وأوامر إسرائيلية. وتعد البنوك، في أي دولة، جزءًا من أدوات التنمية. وفي الحالة الفلسطينية، تتعاظم أهمية هذه المؤسسات المالية، ليس فقط باعتبارها حافظة للودائع وميسّرة للائتمان، بل كأحد الأعمدة القليلة المتبقية الصامدة أمام محاولات التفكيك الإسرائيلي الممنهج للاقتصاد الوطني الفلسطيني.

فلسطين ليست بلدا طبيعيا من حيث البيئة السياسية والاقتصادية، وبالتالي فإن التعاطي مع الأزمات المالية يجب أن لا يكون محكوما بالمعايير الجافة وحدها، بل لا بد أن يتسع ليشمل هامشا من المسؤولية الوطنية، وأن يضع حلولًا تتناسب مع الأوضاع الطارئة، لا أن يخلق أزمة إضافية في ظل الأزمات القائمة.

حين يتعرض الوطن لضغوط سياسية واقتصادية خانقة، فإن من واجب المؤسسات، وفي مقدمتها البنوك، أن تبادر إلى استيعاب الصدمة، وأن تبدي مرونة في خدمة المجتمع، لا أن تتحول إلى جزء من عبء الأزمة.

لقد برزت في الآونة الأخيرة مصاعب أمام البنوك العاملة في فلسطين، تمثلت في تكدّس الشيكل لديها، بسبب رفض الجانب الإسرائيلي استلام الفائض، خلافا لما نص عليه الاتفاق المبرم مع الجانب الفلسطيني. المشكلة أن هذه البنوك بدأت ترفض استلام الشيكل من العملاء، ما تسبب في إرباك كبير في العمل التجاري والاقتصادي داخل فلسطين.

إن رفض الجانب الإسرائيلي استلام الفائض من العملة ليس حادثا ماليًا عابرا، بل هو تعبير واضح عن استخدام إسرائيل للأدوات الاقتصادية كجزء من حرب شاملة على الفلسطينيين. وقد انعكس هذا الوضع على سلوك بعض البنوك التي بدأت ترفض استقبال العملة المتداولة في الأراضي الفلسطينية (الشيكل) من المواطنين، مما أدى إلى إرباك واسع في الأسواق وحركة التبادل التجاري.

البنوك اليوم مطالَبة بأن تستحضر دورها التنموي والاجتماعي، ويجب أن لا تنسى أنها تعمل في فلسطين، وبالتالي فإن لها دورا وطنيا يتمثل في تعزيز الصمود، والدفع بعجلة الاقتصاد المتعثرة أصلا. وهي مطالبة بالانحياز إلى حماية استقرار السوق، ولو على حساب بعض الأرباح قصيرة المدى، نظرا لخصوصية الحالة الفلسطينية المزمنة.

إن بناء الثقة بين المواطن والمؤسسة المالية لا يتحقق فقط عبر الشفافية وتقديم الخدمات الحديثة، بل أيضا عبر اتخاذ مواقف واضحة في أوقات الطوارئ والازمات. فكما يتوقع من المجتمع المدني أن ينهض بدوره في مواجهة التحديات الوطنية والأزمات، فإن البنوك مطالَبة بدورها الطليعي التنموي والوطني، وأن تعيد النظر في أولوياتها، وتتحرك ضمن رؤية تحقق الصالح العام وتحتكم لضرورات السيادة الاقتصادية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرئيس ابو مازن كال الصاع صاعين لنتنياهو في محاولة منعه زيارة سوريا ، والزيارة تمت وفق الوقت والاهداف المرسومة. بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

مؤتمر الدوحة خنجر مسموم في خاصرة الشرعية الفلسطينية وانقلاب اسود في تاريخ المشاركين مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸.

ليس تبريرا ولكن حزنا وكمدا على غزة واهلها كانت كلمات الرئيس عباس الى حماس بفلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸