منظمة التحرير الفلسطينية "م ت ف " واحد وستون عاما من النضال: الإرث والدور في إعادة الاعتبار للشعب الفلسطيني


منظمة التحرير الفلسطينية "م ت ف " واحد وستون عاما من النضال: الإرث والدور في إعادة الاعتبار للشعب الفلسطيني

بقلم مروان سلطان        فلسطين

1.6.2025

——————————————-

بعد واحد وستين عامًا على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، ادت م ت ف دورا رائدا في العمل الوطني الفلسطيني ، وخاضت معارك سياسية وعسكرية في سبيل حماية الشعب الفلسطيني من الاندثار.  ادت دورا واسعا وكبيرا في الوجدان الجمعي الفلسطيني ، وفي معركة إعادة الاعتبار لشعب طرد من أرضه وكاد أن يمحى من التاريخ؟. رغم كل التحديات التي طالتها، فإن دور منظمة التحرير الفلسطينية م ت ف لعبت دورا مهما في النضال الفلسطيني لا يمكن محوه أو القفز عنه، لأنه ببساطة مثل المرحلة التي خرج فيها الفلسطيني من الهامشية إلى مركز الحكاية، ومن صفة “اللاجئ” إلى صفة “صاحب الحق”.

تأسست منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964 بقرار من القمة العربية، ضمن مناخ سياسي كانت تهيمن عليه الأنظمة العربية التي طالما تحدثت باسم الفلسطينيين دون إشراكهم فعليًا. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت منظمة التحرير عنوانًا جامعًا، وبيتًا سياسيًا يعكس التنوع داخل الشعب الفلسطيني، من الفصائل المسلحة إلى الاتحادات الشعبية، من الشتات إلى الداخل، من المخيمات إلى المنفى. صارت المنظمة صوت الفلسطينيين حين كانوا بلا صوت، وأملهم في لحظة التيه العربي والدولي. لقد كان الفلسطيني قبل ولادة م ت ف مجرد “قضية لاجئين”، يدار ملفه في اروقة وكالة الأونروا ، الامم المتحدة او  الجامعة العربية. أما بعد انطلاق العمل الثوري، فقد أصبح للفلسطينيين تمثيل سياسي موحد، يحاور ويتحدى، يفاوض حين يلزم ويقاتل حين تغلق الأبواب.

وقد تمكنت المنظمة، عبر سنوات من النضال ارتقى فيها الاف الشهداء ، وزج بعشرات الاف من الفدائيين في الاسر  امضوا زهرات شبابهم منا جعلها تفرض نفسها على الساحة الدولية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وتحوّلت إلى رمز لمقاومة الاحتلال، وراية لقضية باتت تناقش في الأمم المتحدة، لا في غرف الأمن القومي العربي فقط.

ومن خلال المعارك التي خاضها رجالات فلسطين والماجدات الفلسطينيات وشبانها وأشبالها في العمل الديبلوماسي والاعلامي والعسكري، لقد أعادت م ت ف تعريف الفلسطيني: من لاجئ  الى  صاحب هوية .   يعيش على المساعدات، بل يحمل مشروعًا وطنيًا للتحرر.

ما يُحسب ل م ت ف أنها لم تكتفِ بالشعارات، بل طرحت رؤية متكاملة للصراع والمستقبل. من البرنامج المرحلي عام 1974، إلى إعلان الاستقلال عام 1988، حاولت صياغة مشروع وطني جامع، يراعي الواقع ويستند إلى الثوابت. ورغم ما تعرضت له م ت ف من تحديات كان ثمنها باهظا فان لها الفضل في الحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني  وقدمت نموذجا لبناء كيان سياسي له مؤسساته وتصوراته، لا مجرد ردود فعل أو انتفاضات موسمية.

لم تكن منظمة التحرير مجرد إطار سياسي، بل كانت حاضنة للثقافة الوطنية الفلسطينية. عبر مؤسساتها، وبدعم من كتابها وفنانيها وشعرائها، شيدت سردية فلسطينية حديثة تقول إن “الفلسطيني ليس غائبا”، وإنه ليس مجرد رقم في الإحصاء الأممي، بل كاتب ومقاتل وأم تحمل المفتاح، وشاعر يحفظ اسم قريته المحروقة، ومخيم يصنع الحياة رغم المخيم.

مع توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، دخلت المنظمة مرحلة جديدة عندما شهدت ولادة السلطة الفلسطينية كذراع تنفيذي للمنظمة واحد ادواتها  لادارة الشان الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ويؤسس لمولد الدولة الفلسطينية من خلال بناء المؤسسات والانسان الفلسطيني . 

ما زال اسم منظمة التحرير يحتفظ برمزيته وكينونته ، ومكانته السياسية والقيادية للشعب الفلسطيني امام العالم والمؤسسات الدولية، ويحافظ على مكتسبات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج .

لقد اسست م ت ف للشعب الفلسطيني  الإرث الذي راكمته عبر سنوات النضال وحتى هذه اللحظة الذي شكل  جبهة مانعة من اجل صمود الشعب الفلسطيني اليوم. لقد أسست للوعي الجمعي، وللهوية الوطنية، وأبقت القضية حيّة في العالم حين كان الجميع يحاول طيها.

هذا الإرث سيقى علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني تقوده الى مراحل جديدة للحفاظ على مسيرته ونضاله وتحرره. فالقضية لم تنته والشعب لم يهزم،  والمشروع الوطني تتناقله الاجيال حتى تحقيق الاهداف التي قامت من اجلها في دحر الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية العتيدة، مهما كانت العثرات.

منظمة التحرير ومنذ نشاتها وعبر مسيرتها كانت تجربة رائدة لشعب سعى إلى أن يمتلك صوته وقراره، ويعيد الى الحياة لقضية ظنها البعض انها اصبحت رمادا لتشعل الارض صهيلا. الان وبعد 61 عاما فان  السؤال هو كيف يستفيد الشعب الفلسطيني من هذا الإرث الذي اسست له منظمة التحرير الفلسطينية ويؤجج الحراك لمستقبل نضالي جديد يلم الشتات بعد كل تلك المجازر التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني عنوانه الوضوح، والكرامة، والتجذر في الارض، والعودة الى الجذور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرئيس ابو مازن كال الصاع صاعين لنتنياهو في محاولة منعه زيارة سوريا ، والزيارة تمت وفق الوقت والاهداف المرسومة. بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

مؤتمر الدوحة خنجر مسموم في خاصرة الشرعية الفلسطينية وانقلاب اسود في تاريخ المشاركين مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸.

ليس تبريرا ولكن حزنا وكمدا على غزة واهلها كانت كلمات الرئيس عباس الى حماس بفلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸