من حلم توراتي إلى برنامج حكومي دولة يهودية تشمل ستة دول عربية تصريحات سموتريتش تكشف وجه اليمين المتطرف التوسعي
من حلم توراتي إلى برنامج حكومي دولة يهودية تشمل ستة دول عربية تصريحات سموتريتش تكشف وجه اليمين المتطرف التوسعي
https://www.falestinona.com/flst/Art/215784#gsc.tab=0
بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸 | 28 أيار 2025
في تصريح غير مسبوق من حيث الوضوح والصراحة، قال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن إسرائيل تسعى لإقامة “دولة يهودية” تشمل دولا عربية بأكملها: الأردن، السعودية، مصر، العراق، سوريا ولبنان.
قد يظن البعض أن هذه التصريحات ليست سوى تكرار لشطحات أيديولوجية مألوفة، لكنها في واقع الأمر تمثل لحظة كاشفة لمشروع سياسي قديم جديد يتجاوز حدود فلسطين. سموتريتش لم يبتدع فكرة إسرائيل الكبرى، بل أخرجها من الظل إلى العلن، من الرمزية إلى البرنامج، من الأسطورة إلى الخطاب السياسي الرسمي.
لطالما تحدثت أدبيات اليمين الديني الصهيوني عن “أرض الميعاد” الممتدة بين النيل والفرات، وتجلى ذلك في رمزية العلم الإسرائيلي، الذي تتوسطه “نجمة داود” بين خطين أزرقين يُفسرهم البعض كرمز لهذين النهرين. لكن ما كان يُعتبر حلما روحيا أو خيالا توراتيا، أصبح اليوم يُطرح كهدف سياسي معلن، ما يضع المنطقة أمام سؤال بالغ الخطورة: إلى أين تمضي إسرائيل بمشروعها؟
تصريح سموتريتش ليس مفاجئا في محتواه، لكنه صادم في توقيته وجرأته. فأن يُقال هذا الكلام على لسان وزير رسمي في حكومة ائتلافية، فذلك يتجاوز الاستعراض الأيديولوجي، ليصبح رسالة سياسية واضحة مفادها أن التوسع الإقليمي بات جزءا من التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، لا مجرد أضغاث أحلام.
البعض قد يستهين بهذه التصريحات بوصفها “ثرثرة سياسية” من شخصية يمينية متطرفة، لكن الواقع الإسرائيلي علّمنا أن كثيرا من المشاريع التوسعية بدأت بهذه الطريقة. تهويد القدس، بناء المستوطنات، نقل السفارات، وأخيرا موجة التطبيع، كلها كانت تصريحات هامشية قبل أن تتحول إلى سياسات رسمية ووقائع ميدانية.
الوقاحة السياسية الفظة في مثل هذه التصريحات لا تأتي من فراغ، بل تستند إلى إحساس عميق بانعدام الرد العربي الجاد. في ظل تسارع التطبيع، وانهيار الجبهة الإقليمية الموحدة، يشعر اليمين الإسرائيلي بأن بإمكانه التحدث علنا عن ضم دول عربية بأكملها دون أن يتلقى سوى بيانات تنديد باهتة، باتت مادة للسخرية داخل إسرائيل، أو لا تُؤخذ على محمل الجد أصلا.
هذه التصريحات لا يمكن فصلها عن السياق العام للمشروع الصهيوني القائم على الأرض. فإسرائيل، ومنذ نشأتها، لم تتعامل مع فلسطين كنهاية للمشروع، بل كبوابة أولى لمشروع أوسع يقوم على الهيمنة الكاملة على الإقليم سياسيا وأمنيا واقتصاديا. وما يقوله سموتريتش اليوم هو الامتداد المنطقي لهذا المشروع: بعد ترسيخ الاحتلال، حان وقت تصدير الطموحات إلى الجوار.
ما يطرحه سموتريتش هو مشروع إلغاء للجغرافيا والسيادة الوطنية، وتصفية لهويات شعوب المنطقة، تحت غطاء ديني قومي. إنه لا يكتفي بتبرير الاحتلال القائم في فلسطين، بل يقدمه كمرحلة أولى من مشروع أكبر، يسعى لإعادة رسم خريطة المنطقة بالقوة، وباسم “الوعد الإلهي”.
تصريح كهذا ليس مجرد رأي عابر، بل إعلان عن نوايا استراتيجية خطيرة. إنه دعوة لحروب جديدة، ونفي شامل لفكرة الاستقرار أو التعايش، بل هو تكريس لفكر صهيوني يرى أن لا مكان لغير اليهود في هذه المنطقة، وأن السلام لا يكون إلا بالخضوع.
لهذا، فإن تجاهل تصريح كهذا أو اعتباره شذوذا لا يعكس خطورة اللحظة. بل على العكس، يجب قراءته باعتباره وثيقة سياسية تمهد لمرحلة جديدة من المواجهة مع مشروع لا يعترف بالحدود، ولا بحقوق الشعوب، ولا بإمكانية التعايش العادل.


تعليقات
إرسال تعليق