اصدقاء الامس اعداء اليوم
بقلم مروان سلطان
ما اشبه اليوم بالبارحة ، فالنزاع الذي يدور اليوم هو نفسه الذي حدث مثله في العام 1962 فيما عرف بقصة الصواريخ الكوبية والتي اتفق فيها الزعيم الكوبي مع الاتحاد السوفيتي على تركيب صواريخ نووية على الارض الكوبية. وبدئت الازمة عندما بدء الاتحاد السوفيتي في وقته على توريد قطع الصواريخ لتركيبها واكتشفت الولايات المتحدة ذلك الحدث لتهدد باغراق السفن الروسية في المياه الكوبية.
وقد كان ذلك في منتصف اكتوبر من العام 1962 واستمر الجدل حتى نهاية ذاك الشهر من نفس العام حيث توقف الاتحاد السوفياتي عن تركيب تلك البطاريات في كوبا مقابل تفكيك الصواريخ النووية الاميركية المحاذية لحدود الاتحاد السوفياتي في كل من تركيا وايطاليا.
اليوم عندما شعرت روسيا الاتحادية ان امنها القومي يتهدد جراء طلب دخول اوكرانيا حلف الناتو ، حيث ستصبح الاسلحة الفتاكة لحلف الناتو على موطىء قدم من روسيا، لذا طلبت روسيا من اوكرانيا عدم دخول حلف الناتو وابقاء هذه المنطقة الحيوية لروسيا خارج نطاق حلف الناتو.
الحقيقة ان الغرب واوكرانيا لم يعطي الفرصة لتفاهمات تفضي بنزع فتيل الازمة ومضت قبلا في تتفيذ برنامجها للانضمام للاتحاد الاوروبي والناتو، وبهذا اخذت الازمة بالتفاعل والانفجار.
يبدو ان الرئيس الاوكراني زلينسكي راهن على دخول الغرب بقيادة الولايات المتحدة الحرب الى جانبه ، حيث اتضح جليا ان الغرب لا يريد المواجهة المباشرة مع روسيا في النزاع مع على اوكرانيا.
اوكرانيا كان حليفا واحد دول محور وارسو قبل الاتحاد السوفياتي ، وللحق فان الاتحاد السوفياتي انفق على هذه الدول واقام فيها بنية تحتية ضخمة من الطرق والسكك الحديدية والمنشات المدنية والعسكرية والنووية وحال انهيار الاتحاد السوفياتي ترك كل ذلك في بلدان المحور التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي ، والتحقت فيما بعد بالتحاد الاوروبي ومحور الناتو.
لقد تسنى لي زيارة احد هذه الدول او اكثر حيث تعتمد مباشرة على دعم الاتحاد الاوروبي ولكنها بقيت تعاني من مظاهر عدم التقدم الذي تحظى به الدول الغربية. والاشد والادهى ان الحكومات هناك حكومات ضعيفة يتحكم بها النفوذ الدولي لحلف الناتو مباشرة بل واكثر من ذلك، واضحت هذه الدول تكن العداء لاصدقاء الامس.
لا اريد ان استبق الاحداث حول شخصية الرئيس الاوكراني، وما وراء هذا الرجل ،لكن يبدو ان الرجل ذو الديانة اليهودية تربطه علاقة وطيدة مع الحكومة الاسرائيلية، ولقد طلب من رئيس وزراء اسرائيل بينت ان تجرى محادثات بين روسيا واوكرانيا برعاية اسرائيلية في القدس. في نفس الوقت الذي اعلنت روسيا عدم موافقتها على انضمام القدس لاسرائيل على هامش مناقشات الامم المتحدة للازمة الروسية الاوكرانية.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اثار الغرب هذه الضجة حول اوكرانيا ، وهي الحادثة التي تتشابه مع ازمة الصواريخ النووية السوفييتية في كوبا.
من ملاحظاتي للرئيس بوتين وهو يعتبر من الشخصيات حادة الذكاء ، وذو قدرات قيادية عالية انه لم تغب عنه موضوع العقوبات الغربية وهذه الضجة التي تديرها ابواق المحطات الاعلامية، ولعلي اجزم ان الرجل يعرف اين سيصل في هذه الازمة، والامن القومي له مفاهيمه وحدودة التي لا يعبث بها العابثون.
واعتقادي الجازم ان الغرب لا يريد ان يسلم مفاتيح الارض لخالقها، حيث ممكن ان تتدحرج كرة الثلج وتكون نهاية هذا الكون .
من اراد ان يشعل فتيل الازمات يجب ان يفهم ان الامور لا تسير وفق الاهواء مثل صنبور المياه تفتحه وتغلقه متى شاء، واللعب مع النمور له مخاطره التي يجب ان بحسب لها الف حساب.
تعليقات
إرسال تعليق