فشل المشروع الامريكي في دمج اسرائيل دولة شرق اوسطية بقلم مروان سلطان
فشل المشروع الامريكي في دمج اسرائيل دولة شرق اوسطية
بقلم مروان سلطان
فلسطين. 21.7.2024
——————————
يعتبر دمج اسرائيل دولة شرق اوسطية اهم المشاريع الامريكية في العالم ، ووظفت لهذه الغاية امكانات ضخمة من البرامج والمشاريع التي عملت على تنفيذها في منطقة الشرق الاوسط. ولقد قطع تنفيذ المشروع شوطا كبيرا , حيث تم توقيع اتفاقيات السلام بين اسرائيل وبعض جيرانها من الدول العربية، ومن ثم هرولت الدول العربية الى التطبيع بينها وبين اسرائيل بوساطة اميريكية واوروبية، على عكس ما تقوله المبادرة العربية للسلام . ولقد كانت مشاريع المساعدات الثنائية بين الدول المانحة والدول العربية النامية بما فيها السلطة الفلسطينية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعلاقات بين هذه الدول واسرائيل في انهاء حالة العداء المزمنة بينهما.
اسرائيل منذ نشاتها كانت وما زالت دولة وظيفية، لخدمة مصالح الدول المتنفذة اميركا واوروبا خاصة محور الناتو ، لتكون ذراع النمر ومخالبه في الشرق الاوسط. حيث وجدت هذه الدول ضالتهم في الشعب اليهودي بعد الماساة التي مروا بها في اوروبا وعلى ايدي النازيين افضل من يمكن ان يقوم بهذه المهمة في السيطرة على مقدرات الشرق الاوسط بعد ظهور النفط فيها . ولقد استطاعات اسرائيل وبمساعدة بريطانيا وبعض الدول الاوروبية السيطرة على %78 من فلسطين التاريخية وتسليمها الى اليهود واقامة اسرائيل عليها، واستطاعت اسرائيل بعد ذلك ان تشن حربا على ثلاث جبهات عربية واستولت على قطاع غزة وسيناء على الجبهة المصرية، كما استطاعت ان تحتل هضبة الجولان على الجبهة السورية ، واحتلت ايضا الضفة الغربية التي كانت قد توحدت مع الاردن بعد النكبة بموجب مؤتمر اريحا سنة 1949، وبهذا اصبحت فلسطين كلها تحت احتلال اسرائيل.
استطاعت اسرائيل ان تخرج مصر والاردن من الصراع العربي الاسرائيلي بموجب اتفاقيات طابا، واستعادت مصر سيناء بموجب هذه الاتفاقية، ووقعت الاردن اتفاقية سلام في وادي عربة مع اسرائيل ، اما سوريا فقد تم اضعافها تماما وانهاك قواها فيما يسمى الربيع العربي الذي قاده الاخوان المسلمين في عدد من الدول العربية ايضا ، وظهور ما يسمى بحركة داعش او الدولة الاسلامية المثيرة للجدل وشوهت صورة الاسلام والمسلمين بالفظائع التي ارتكبوا جرائمها في كل من سوريا والعراق وغيرها من الدول . اما العراق 🇮🇶 فقد انهى الاحتلال الامريكي لها بعدما اقدم العراق على احتلال الكويت عام 1991 ، العمق العربي الاستراتيجي الذي كان سندا للجبهتين السورية والاردنية.
وبهذا الواقع استطاعت اسرائيل ان تستفرد بالفلسطينين وبدئت بعملية تهويد الضفة الغربية بعد ان انهت التهديدات التي كانت تؤرقها سابقا، وانتقلت الى مرحلة ثانية في تطبيع علاقاتها بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول الناتو لعملية تطبيع واسعة ، بعدما استجابت بعض الدول العربية للرغبات الامريكية في عمليات التطبيع وقد بدء التسارع في التطبيع بعد وصول الرئيس بايدن الى البيت الابيض حيث اطلق هذا المشروع بشكل واسع.
عمليات التطبيع جاءت تحت مظلة الحماية الاسرائيلية والامريكية من ايران باعتبارها العدو المشترك لاسرائيل والدول العربية. ولقد سار هذا المشروع بخطى متسارعة مع دول الخليج العربي التي رغبت في تقنيات التي توردها اسرائيل لها ، والتي اظهرت الدعاية الاسرائيلية انها الافضل في العالم.
الهدف الاسرائيلي لاسرائيل في التطبيع كان المملكة العربية السعودية، فالتطبيع مع المملكة العربية السعودية سيمنحها مزايا لا تعطيها اياها اي من الدول العربية والاسلامية ، ذلك ان المملكة العربية السعودية تقود العالم الاسلامي بحكم موقعها ومركزها الديني وبما تتمتع به من علاقات مع جميع الدول الاسلامية. وهذا سيمنح اسرائيل القفز على القضية الفلسطينية وانهائها ولا تعدم اسرائيل الوسيلة لاقناع المملكة وغيرها بذلك ، من خلال منح بعض التسهيلات ورفع بعض العقوبات ومنح مزايا للشخصيات الاعتبارية والاقتصادية ،وبذلك انتهت القضية الفلسطينية ، وكأن كل ما عزمت عليه في الشان الفلسطيني هو القضية الفلسطينية.
السابع من اكتوبر استهدف بشكل واضح لا يقبل التاويل التطبيع الاقليمي وخاصة مع العربية السعودية واسرائيل ، وبدون ادنى شك بدعم ايراني حاضر . اما ردود الفعل الاسرائيلية في حربها على غزة فقد اثبت ان اسرائيل بكل مكوناتها ومحور اسرائيل التي جعلت من قطاع غزة ارض محروقة وصبوا الحمم على المدنيين الابرياء وقتل الاف الاطفال والنساء والشيوخ الذين لا ذنب لهم يدل على شئ واحد ان اسرائيل لم تغير من تفكيرها في الخروج على وظيفتها انها الذراع الذي ببطش ويقتل من اجل مصالحها واظهار الردع الاسرائيلي اينما احتاجت اليه.
وكذلك فان ردة فعلها في اليمن اكد ذلك ويشير الى استمرار نهج ذراع النمر الذي يصل الى كل مكان للردع. اسرائيل لو ارادت فعلا ان تكون دولة شرق اوسطية ، كان من الممكن ان تنهي معاناة الشعب الفلسطيني وعدم عرقلة حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيرة ونيل استقلاله ، ولم تعمل ولو لمرة واحدة منذ نشوئها في سنة 1948على قبول الفلسطيني انه شعب مثل شعوب الارض يستحق الحياة.
اسرائيل ما زالت تستعمل مخالبها في عرقلة مساعي الشعب الفلسطيني في الشان الداخلي وتعمل وما زالت تعمل على ابقاء الانقسام الفلسطيني لضرب المصالح الفلسطينية، انا لا الوم الكيان الصهيوني بقدر ما الوم القيادات والشعب الفلسطيني الذي يستسلم للارادة الاسرائيلية.

تعليقات
إرسال تعليق